أسير الحرب في القانون الدولي الإنساني

أعاد انطلاق العمليات العسكرية بين روسيا وأوكرانيا فجر يوم الخميس 24 فيفري 2022، وتجدد الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي مع اندلاع شرارة عملية طوفان الأقصى» في الساعات الأولى من صباح يوم السبت 7 أكتوبر 2023 إلى الأذهان مسألة الحماية القانونية المكفولة لأسرى الحرب بمقتضى اتفاقية جنيف الثالثة بشأن معاملة أسرى الحرب لسنة 1949 وبروتوكولي سنة 1977 الإضافيين الأول والثاني لاتفاقيات جنيف الأربع لسنة 1949 ، تزامنا مع تصريح طرفي النزاع المسلح الدولي الروسي - الأوكراني، من جهة، والطرف في النزاع المسلح الدولي الفلسطيني - الإسرائيلي المتمثل في فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وعلى رأسها حركة «حماس»، من جهة أخرى، بوقوع أسرى في قبضة قواتها المسلحة (روسيا وأوكرانيا) وفي قبضة أفرادها المسلحون (فصائل المقاومة الفلسطينية).

وكما هو الحال في كل نزاع مسلح، غالبا ما تكون البيانات الميدانية مجزأة، ويصعب التحقق منها بشكل مستقل، بما في ذلك عدد أسرى الحرب... لكن التساؤل الذي يُطرح بإلحاح شديد يتعلق بمصير الجنود الأسرى الروس أو الأكرانيون أو الإسرائيليون في ظل الاتهامات والاتهامات المضادة الصادرة صارخ الأحكام عن أطراف هذين النزاعين المسلحين الدوليين بإساءة معاملة أسرى الحرب في خرق صارخ : اتفاقية جنيف الثالثة لسنة 1949 والبروتوكولين الإضافيين الأول والثاني لسنة 1977.

كل هذه التخوفات وغيرها الصادرة عن جهات متعددة المشارب تعيد لتطفو على سطح النقاشات القانونية الإشكالية التالية : كيف يتعامل القانون الدولي الإنساني مع أسير الحرب ؟

إن القانون الدولي الإنساني ينظر إلى أسير الحرب على أنه أحد الفئات التي تحوز وضعا واقعيا هشا كأحد الآثار المباشرة التي تفرزها النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية على غرار فئة المدنيين، والتي بحكم هشاشة هذا الوضع من المعتاد تعرضها لمختلف الانتهاكات والتجاوزات مهما كانت درجتها من قبل أطراف النزاع المسلح من أجل ذلك، كان الشغل الشاغل للقانون الدولي الإنساني على مر السنوات بناء منظومة حماية قانونية متكاملة الأركان يتمتع بها أسير الحرب، لتغطي العديد من المجالات ذات صلة وثيقة بوضع أسير الحرب.