المشهد الآخر في كتابة الذات في "رامة والتنين" لادوار الخراط

كتابة ادوار خراط الروائية كتابة معقدة ودقيقة من التركيب أو بالأحرى من "الترقيع" rhapsodie وصعوبة النفاذ إلى عالمه قد يكون بسبب من أن الدلالة عنده تتوخى مسالك ملتوية ناتجة عن فن من التلاعب بالأساليب ومسرحة نظم من الخطابات والتأليف بينها بطرق تبدو في استشرافها المستمر لأفاق على الدوام متجدّدة. كما لو كانت ترد عفو الخاطر ودون تدخل من الكاتب وكما لو أنها تفرض نفسها على الكتابة دون سابق إضمار أو استهداف لبلوغ حقائق نهائية كتابته تنهض على المساءلة المتصلة ووضع أنماط الكتابة الأخرى بما فيها كتاباته السابقة موضع اختبار بلا تنازل ولا هيات مجانية للقارئ فقد لا يكون الخراط شيء يقوله عن نفسه ولا عن العالم. لكن ما ينهض به يكمن أساسا في تمثيل الخطابات في تنازعها، في اشتباكاتها وتوتراتها مع ما يفترض أنها تمثله الذي يبدو أبدا عصيا على كل تحديد منفلت القياد، فمسرحة الاستلاب القولي يمثل بلا شك واحدا من أهم المفاصل التي تقوم عليها كتابة رامة والتنين". وفي سياق ذلك يجري تفكيك الخطابات الهاجسة بذات ميخائيل وجعل بعضها يواجه بعضا ويكشف ما يغطيه من أقنعة ومن زيف بقدر ما تنبعث من خلال التمثيلات الاستعارية المتولدة من التمثلات الحصارية المغيبة للأشياء لغة أخرى لغة ثانية حية كثيفة محددة تحديدا لا متناهيا للعالم ولأشيائه وكان ما تعمل الاستعارة على إمانته تحيبه من جديد تبعثه في لباس مختلف. فالعبارة المنحرفة الجارية في متاهات الاستعارة تحمل في أضعافها ما تغيبه وتنفيه تعطي صوتا لما تكتمه وتصمت عنه، وتعيد إلى ما تقضي عليه نضارة وجدة، ومع ذلك بداخلنا انطباع بأن هذه العبارة تنزع تلقائيا إلى الصمت إلى إغراق ما تريد الحديث عنه في سديم الإيهام كما لو الصمت إذ يفشل في كشف نفسه يتعبير صريح شفاف يكسب العبارة المستعملة تحديدا غير قاز وبلا غاية فهذه العبارة ترصد موضوعها بالرؤية إليه على الدوام خارج حدوده محمولا إلى شيء آخر مختلف تحدسه حاضرا فيه بالقوة ومن فرط خروجها عن موضوعها تضحى مستهدفة ذاتها محققة بذلك الوظيفة الشعرية بامتياز.