كلما تجددت زوايا النظر انكشفت مظان الحقيقة المخفية، والزيتونة جامعا وجامعة حفرت عميقا في تاريخ التأسيس للعلم والتعليم. وقد سرحت الأنظار فيها من لدن أفلام عربية إسلامية مشرقية ومغربية قالت فيها كلمتها. وأيا كانت تلك الكلمة استحسانا أو استهجانا، وهذا من الندرة بمكان لما تفردت به الزيتونة من حضور حضاري مؤسس لافت. وليست هذه الوجهة هي المصطفاة في هذه المحاولة البحثية. وإنما المراد رأسا هو الرؤية الغيرية التي تناولت الزيتونة باعتبارها معلمة إليها يمم طالبو العلم القصد، ومنها صدرت المواقف لا سيما فيما هو موصول بصراع الهوية زمن الاحتلال الفرنسي بتونس، بل بالمغارب الثلاثة .وجهة البحث هي الرؤية الغيرية التي تصدى فيها المستعربون المشتغلون في حقل معرفي مادته العلمية العربية لغة وأديا وحضارة، لبيان دور المعلمة الزيتونية من جهات أولها المحاميل المعرفية من خلال مسميات الزيتونة التعريفية، والمعلم تأسيسا وفنّ عمارة، وخزانة الكتب، وثانيها الإطار التعليمي الزيتوني ممثلا في مشيخة الزيتونة وتراجم أهم أعلامها، والطلبة والفضاء التعليمي، وثالثها الجهاز التعليمي الزيتوني وقد انتظم فيها عناصر ثلاثة تأصيل التعليم الزيتوني، وإصلاحاته، وجملة التنظيمات التعليمية التي شهدها. وقد انتهى البحث إلى جملة استنتاجات حول الركائز التي نهضت عليها الرؤية الغريرية الاستعرابية موجهات معرفية ودينية وفلسفية وسياسية، وكيفيات صياغة مباشرة تثمينا ومآخذ وصياغة غير مباشرة حضرت فيها المعلمة الزيتونية ضمن تقريظات كتب أو مراسلات، ومآلات وتتعلّق بالموقف النقدي دفاعا عن الهوية، وتفعيلا للحراك الوطني. وتوريث الأثر بعد الصورة والخبر، داخلا وخارجا، إشعاعا واستقطابا.