ان علم الكلام - زمن التأسيس - كان يعد من أشرف العلوم، وذلك الأصالة نشأته، حيث ولد قبل عصر الترجمة، وكان حارس أصول الدين من شبهات المناوئين في الداخل والخارج، لكن أتى على هذا العلم حين من الزمن فأصبح مجردا ينزع منزعا فلسفيا أكثر منه عقائديا، لاسيما بعد أن لبس لبوس المنطق والفلسفة اليونانية. هذا اللبوس الذي حدث ما بين القرن الخامس والسابع، جعل دوره ينحسر في قضايا ميتافيزيقية أمام إهمال الواقع المشخص؛ مما فسح المجال لهجمة الفقه الشرسة من جهة، وهجمة المتصوفة من جهة أخرى.
وهكذا، انحسر العقل الإبداعي الكلامي مرجوما ومتهما إلى مطلع العصر الحديث، حينما أدرك زعماء الإصلاح حجم الهوة الحضارية التي باتت تفصل بين الفكر الإسلامي والفكر الغربي الحديث. غير أن حجم التركة كان ثقيلا لصورة مجتمع متخلف تأكلت عقيدته أمام بركات شيوخ الطرق والزوايا، وضعفت خلافته وإمارته أمام سطوة النفوذ الأجنبي. ومن ثم ظلت لحظة الإصلاح منقسمة بين مفهوم قديم غائب وإثبات العقائد والدفاع عنها، وبين واقع جديد فرض إشكاليات جديدة بانت تضغط بقوة على الوعي والإصلاح، كالمدنية والحرية والتقدم العلمي والتقني. لكن المحمود في هذه الحركة الإصلاحية أن الهزيمة الحضارية لم تمنعها من محاولة الإصلاح والبعث من داخل الثقافة الإسلامية وأصولها العقائدية ومراجعها الفكرية، مع الأخذ بعين الاعتبارالمستجدات الحضارية معرفيا وتقنيا.

9789938604580
50 عناصر

البيانات

عدد الصفحات
160
الحجم
15.5*23.5
الوزن
0,208 كغ
سنة النشر
2024
دار النشر
مؤسسة الأطرش للتوزيع - GLD

قد يعجبك ايضا

مختارات من الكتب ضمن مركز الاهتمام المطلوب
التوصيل مؤمن

التوصيل مؤمن مع شركة أرامكس

الإرجاع المجاني

الإرجاع مجاني في حالة خلل بالكتاب في غضون 30 يوم

التسليم داخل تونس

مواعيد التسليم : من 24 إلى 48 ساعة

التسليم خارج تونس

مواعيد التسليم : أسبوع كأقصى تقدير