ان معرفة أحكام الفقه الاسلامي هي من الضرورات التي تبنى عليها المعرفة الحقوقية في مادة المواريث باعتبار أن المشرع قد أخذ رأيا فقهيا في مسألة ما ولا بد اذن من الاحاطة بخبايا الأصول والقواعد المعتمدة لدى المذاهب في الاستدلال مما يشحذ الملكة القانونية لدى الدارس سواء كان طالبا أو قاض أو محام . وان الهدف من هذه الدراسة هو ايجاد أرضية تمكن الدارس لهذا العلم من تأصيل القاعدة القانونية لديه في مادة المواريث تأصيلا فقهيا وبالتالي تحديد مدى موافقة القاعدة القانونية مع أحكام مذهب من المذاهب الاسلامية وان الحافز الذي جعلني أقوم بهذه الدراسة هوتعرضي لاشكال يوجب تحديد الطبيعة القانونية لصندوق الدولة الذي يمكن أن يكون وارثا في بعض الحالات الا أنه بعد دراسة المسألة تبين لي أن الامر يعتريه غموض ضرورة أن المشرع التونسي استقى أحكام المواريث من القرآن ومن الفقه المالكي الذي يعتبر بيت مال المسلمين عاصبا بالنفس ويرث باقي التركة بعد أصحاب الفروض أو كامل التركة عند انعدامهم أو انعدام عاصب أسبق منه مرتبة ؛ ثم وخلال 1959 يدخل المشرع تعديلا على مجلة الاحوال الشخصية ويقر مؤسسة الرد أي أن البنت اذا انفردت يمكنها أن ترث كامل التركة نصفها فرضا والباقي ردا . وكما هومعلوم ان الاعتراف بمؤسسة الرد يجعلنا نقر صراحة بأن المشرع قد اقتدى بالمذهب الحنفي الذي لا يعتبر بيت المال وارثا بالتعصيب بل بحكم سلطانه وبالتالي لا يمكن أن تؤول له التركة الا عند انعدام الاقارب حتى من ذوي الارحام . وعليه فان هذه الدراسة ولئن كانت في الاصل موجهة لدارس هذا العلم فهي موجهة أيضا وبصفة عرضية للمشرع حتى يتدخل ويرفع اللبس والغموض عن الطبيعة القانونية لصندوق الدولة وجعله وارثا لمن لا وارث له حتى من ذوي الارحام تماشيا مع الرأي القائل بأن " ذوي الارحام يرثون حيث لم يوجد ذو فرض ممن يرد عليه ولا عاصب " . وان سند هؤلاء – وهم عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وابن عباس والقاضي شريح – هو الآية " وأولوا الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " . وبذلك ان آيات المواريث تجعل للاقارب في الميراث سببان للاستحقاق أحدهما خاص هو الفرض والتعصيب وثانيهما عام وهو الرحم ومن انعدم في حقه السبب الخاص ثبت له السبب العام وهو مطلق القرابة وبذلك نكون قد رفعنا اللبس والتناقض الذي يعتري فصول مجلة الاحوال الشخصية وحددنا الطبيعة القانونية لصندوق الدولة الذي لا يمكنه الانتفاع بتركة الا بجكم سلطانه لا بوصفه وارثا لان الارث لا يكون أساسه الا القرابة وان بعدت .

حسين بن سليمة
9973310411
48 عناصر

البيانات

عدد الصفحات
296
الحجم
23.5*15.5
الوزن
0.341 كغ
سنة النشر
2012
دار النشر
مجمع الأطرش للكتاب المختص

قد يعجبك ايضا

مختارات من الكتب ضمن مركز الاهتمام المطلوب
التوصيل مؤمن

التوصيل مؤمن مع شركة أرامكس

الإرجاع المجاني

الإرجاع مجاني في حالة خلل بالكتاب في غضون 30 يوم

التسليم داخل تونس

مواعيد التسليم : من 24 إلى 48 ساعة

التسليم خارج تونس

مواعيد التسليم : أسبوع كأقصى تقدير