تعتبر الجماعات المحلية، وتحديدا البلديات الخلية الأساسية الممارسة الديمقراطية، وهي الإطار الأمثل لترسيخ اللامركزية، والجهة الأقرب إلى المواطن والأشد التصاقا بحياته والأكثر استثثارًا بمشاغله وشؤونه، بحكم توفيرها خدمات القرب، وقدرتها على الأداء الأفضل للمصالح المحلية.
ومن هذا المنطلق، أطلق دستور 14 جانفي 2014 الحريات المحلية وقطع مع البناء الهرمي للسلطة. فالباب السابع من الدستور، الذي ورد تحت عنوان «السلطة المحلية، يعتبر اللامركزية حرية، وارتقى بمبدأ التدبير الحر إلى أحد الحريات والحقوق الأساسية. ولكن هذه الحرية الأساسية تمارس في إطار وحدة الدولة.
فاستقلالية الجماعات المحلية لا تعني انفصالها عن الدولة، إذ تظل هذه الذوات العمومية خاضعة إلى رقابة الدولة حفاظاً على وحدة نظامها القانوني، وانسجام نظمها الإدارية وسياساتها العمومية، وتفاديا لكل التجاوزات التي تنال من المصلحة العامة.
وتتجسم هذه الرقابة في جملة من الآليات والوسائل التي منحها التشريع الجديد للسلطة المركزية، فعلى مستوى نظام الرقابة على المالية المحلية، أدخل المشرع تغييرات عميقة حاول المال العام من جهة أخرى. من خلالها احترام حرية تصرف الجماعات المحلية في أموالها من جهة، وضمان حسن توظيف المال العام من جهة أخرى.