عندما صدرت مجلة الأحوال الشخصية التونسية غداة الاستقلال بتاريخ 13 أوت 1956 . عدت، وهي كذلك، عملا ثوريا توج كفاح ثلة من المصلحين المثقفين من رجال تونس الذين ناضلوا من أجل تحرير المجتمع التونسي من أغلال التأخر .
وتعد مجلة الأحوال الشخصية من أهم الإصلاحات التشريعية لتونس المستقلة على الإطلاق، فقد اعتبرها الفقهاء "صرحا تشريعيا" "Un monument législatif"
فالدارس لقانون الأسرة التونسي من خلال مجلة الأحوال الشخصية والنصوص المتممة لها والاجتهادات القضائية المكرسة لمبادئها ينبهر بهذا النظام الذي تأسس وتونس ترفع عن كاهلها أوزار الاستعمار، تنشد التقدم والحداثة دون الحياد عن الأصول الحضارية الإسلامية العريقة للمجتمع، لأهمية ما تعكسه هذه المجلة والتنقيحات التي طرأت عليها من تطوّر "الذهنية الاجتماعية" بعد أن دخلت المبادئ التي أسست عليها هذه المجلة ضمير المجتمع التونسي ورسخت في وجدانه.
وما فتئ هذا النظام يتطور بتطور المجتمع ذاته سعيا إلى التوازن في الحقوق والواجبات والمتانة في العلاقات والروابط الأسرية لبناء مجتمع متراص القوى قوامه المساواة والتضامن والتكافل والتعاون، فمن مفهوم العلاقة بين أفراد الأسرة أي الزوج والزوجة والآباء والأبناء، إلى مفهوم العلاقة بين أعضاء الأسرة ككيان اجتماعي وقانوني واحد.
ومن إطار عقدي إلى إطار مؤسسي، ومن الالتزام العقدي إلى الإلزام القانوني الذي محوره واجب التعاون والمساندة أي من الفردية إلى المؤسسية في نظام الأسرة كخلية يتأسس عليها البناء الاجتماعي.