تحرير الصكوك الخاضعة للترسيم بالسجل العقاري

تقر الأحكام الخاصة بالسجل العقاري قواعد شكلية ترتبط وثيق الارتباط بالوظيفة الرئيسية للسجل. فالسجل هو أداة لنشر كل البيانات المتصلة بالعقار المسجل سواء بالترسيات أو بالتنصيصات أو حتى بالملاحظات المتصلة بالعمليات الجارية. وطبيعي أن يترتب عن وظيفة الإشهار العيني الشامل فرض قواعد شكلية دقيقة على كل متعامل على العقار المسجل.

وتسعى الباحثة في هذا المؤلف الجديد إلى بسط وتقييم شكليات تحرير الصكوك الخاضعة للترسيم تقيدا بمبدأ الشرعية الذي يسود نظام الإشهار العيني.

لم تكن قواعد التحرير مدققة قبل سنة 1992 فالمجلة العقارية لسنة 1885 وضعت نظاما مقتضبا لشكليات التحرير (الفصل 343 ثالثا منها). وفي سنة 1964 وبمناسبة تنقيح الفقرة الرابعة من الفصل المذكور ظهرت شكلية تلاوة الكتب على الأطراف الذين لا يحسنون الإمضاء. ثم حافظت مجلة الحقوق العينية الصادرة سنة 1965 على هذه الأحكام في فصليها 377 و378 إلى أن ورد الإصلاح الشامل لنظام الإشهار العقاري بموجب قوانين 4 ماي 1992 التي كرست اختصاصا منفردا لتحرير الصكوك الخاضعة للإشهار العيني مخصصة إياه للمحامين ولعدول الإشهاد وللمحررين التابعين لإدارة الملكية العقارية. كما فرض إصلاح 1992 واجبات دقيقة على كل محرر وحملته المسؤولية عن كل مخالفة لها. وكان الهدف من هذه الشكليات الجديدة الحرص على ضان فرص إدراج الصك بالسجل تفاديا لظاهرة الرسوم المجمدة التي أدخلت اضطرابا جديا على السجل ووظائفه وخاصة على حقوق الأفراد والضمانات المتصلة بها.

إنها شكليات ترشيد وتنظيم آمرة تحد من الرضائية المطلقة وتقوم على نظام عام جديد هو النظام العام العقاري. كما أنها شكليات تهدف لتخليص الرسوم من الجمود سعيا لضمان دورها الإثباتي وكذلك وظيفتها الاقتصادية. كل هذه المعطيات تمثل جوهر ما تناولته الباحثة الأستاذة إيمان الموفق في هذا المؤلف المفيد الذي يسعدني أن أقدمه للقراء المختصين لما يمتاز به من وضوح في الأسلوب ودقة في المعلومات والإضافات بما يضمن الاستفادة منه.