• ‎-10%

يجدر بالوعي الفردي والوعي الجمعي في ديارنا المعاصرة الوعي بأهمّيّة فهم الواقع وحسن التّدبير له ليكون لصالح الإنسان في كل مكان وفي كل الطّبقات الاجتماعيّة وفي كل الأعمار ويخطّ واقع الإناث والذّكور. فالسّرد الاجتماعي لقصص الموتى وأشلائهم المتناثرة في الشوارع وفي ظلمة العتمة والنّسيان خارج أطر السّرد والحكاية ترسّخ وجيعة في ضمير الأنا الجمعي وتنهار قيم الفرد والمجموعة بعيدا عن أنوار العقل تحدث الجريمة الفردية والجماعية ويموت الإنسان بإرادته مدفوعا بقصص الفشل العاطفي والفقر والاحتياج والتنمّر وسوء المعاملة والتباس التّواصل وتعطّله بين الفرد والمجتمع. هذا الكتاب نور في عتمة النسيان يستحضر وجدان الموتى وتأوّهاتهم ويكشف بعمق عن الدّوافع الداخليّة والخارجيّة للمنتحر ويشرح الانتظارات غير المتحقّقة في الواقع وغياب الإشباع للرّغبات وتلبية الحاجات والإحاطة الأسريّة والتربويّة والمجتمعيّة. كل ذلك أنتج لنا مجتمع «الغثيان» فالمنتحر هو ذلك غير المكتفي بذاته يرى ذاته في ذوات الآخرين تلك الذّوات المكتفية بذاتها والتي لا تعيره الاهتمام فيغادرنا المنتحر في صمت وفي غفلة منّا في حركة احتجاجيّة صارخة تخاطب الأعماق وتغلق الآفاق. تطالعنا الأخبار المتداولة متحدّثة عن طقوس الجنائز ومواقيتها ويشيّع النّاس المنتحرين إلى مأواهم الأخير في وجوم تام ليعود الأحياء إلى روتين حياتهم اليوميّة يغضبون ويمرحون ويفعلون وينفعلون.

وتستمرّ حركة التّاريخ بين مولود يأتي إلى الوجود باكيا تقام له الأفراح وميّت يغادرنا ويشيّعه الأحياء بالبكاء. ها هنا يكون موضوع الانتحار أو ظاهرة الانتحار صوتا مدويّا في أعماق المجتمع حين لا يحسن المجتمع تربية مواطنيه على الحرّية وعلى قيادة ذاته بذاته نحو السّلام والأمان أو حين تخون العائلة أو المدرسة أو الجامعة منظوريها فلا تتابعهم ولا تسأل عنهم فيصبح بعد برهة قصيرة من الزّمن الانتحار برّا وبحرا وجهة الفرد والمجموعة. إنّ هذا الكتاب هو صرخة إنسانيّة لتشجيع النّاس على تجاوز منغّصات حياتهم بحسن التّفكير والتّدبير وهو رسالة للدولة المعاصرة لتعالج قضايا الفقر والجهل والتّهميش والتّشرّد والتّسوّل خاصّة لفاقدي السّند أولئك الذين يتجنّب المجتمع التّفكير علانيّة في مصائرهم. أولئك الذين لفّهم النّسيان وتخلّى عنهم الجميع كحاملي شهادات التّعليم العالي الذين طالت بطالتهم... لا يقبل بهم المجتمع وتلفظهم عائلاتهم ولا تقبل بهم مؤسّسات الدّولة يجترّون التّكرار ولا ينعمون بالاستقرار نتيجة عدم ملاءمة تكوينهم العلمي والتربوي لاحتياجات المنظومات المهيمنة في الزّمن الرّاهن. أو كالمسنّين الذين تخلّى عنهم أبناؤهم وبناتهم أو أطفال الشّوارع الذين ضيّع المجتمع هويّاتهم أو المنقطعين عن التّعليم المبكّر وكل ضحايا المنظومات الاجتماعيّة الفاسدة. ليجد القارئ ما يبحث عنه وليفكّر كل فرد في دوره في حماية الآخرين من الشّعور بالتّهميش أو النّسيان أو الخذلان تذكيرا بدور الضّمير الجمعي في تجنيب المجتمع ويلات الفقد والموت والانتحار.

مجموعة مؤلفين
9789938602647
49 عناصر

البيانات

عدد الصفحات
92
الحجم
15.5*23.5
الوزن
0.160 كغ
سنة النشر
2023
دار النشر
مؤسسة الأطرش للتوزيع - GLD

تحميل

قد يعجبك ايضا

مختارات من الكتب ضمن مركز الاهتمام المطلوب
التوصيل مؤمن

التوصيل مؤمن مع شركة أرامكس

الإرجاع المجاني

الإرجاع مجاني في حالة خلل بالكتاب في غضون 30 يوم

التسليم داخل تونس

مواعيد التسليم : من 24 إلى 48 ساعة

التسليم خارج تونس

مواعيد التسليم : أسبوع كأقصى تقدير