يهدف هذا المؤلف إلى تناول التنفيذ بمقاربة جديدة مغايرة المنشود. فالعبرة ليست بصدور الحكم، وهي المرحلة التي يلعب فيها القاضي دورا جوهريا لتحقيق الدعوى حتى يتمكن من إقرار الحق وحمايته عن طريق إنشاء السند التنفيذي، وإنما العبرة بتنفيذ ذلك الحكم وتذليل كل الصعوبات التي قد تطرأ عند التنفيذ باعتبار الوظيفة القضائية في بعدها الانتهاءي هو ضمان فاعلية القانون بإرجاع التوافق بين الواقع التنازعي وبين مقتضيات القانون الضامن للعدل المجرد فيتحقق العدل المجسم. فالتنفيذ عموما والتنفيذ المدني خصوصا يتطلب اليوم إقرار الوظيفة التنفيذية للقاضي عموما والقاضي المدني خصوصا كسلطة أصلية مكتملة لهذا الأخير وذلك وفق نظام قانوني خاص يقوم على تمكين قاضي التنفيذ من تحقيق من الكتاب لما هو مألوف ودارج عبر إعتماد استقراء الموجود لبناء وظيفتين متميزتين تستقل كل منهما عن الأخرى، بحيث يمكن أن يختص بإحداهما دون الأخرى فتكون له سلطة الفصل في جميع المنازعات القضائية المتعلقة بالتنفيذ، وتكون له السلطة الإدارية والولائية في الهيمنة على سير إجراءات التنفيذ والإشراف عليها، بحيث لا تتم إلا بإذنه، وإذا تمت فإنها تخضع حتما لرقابته وإشرافه، لنصل بذلك إلى تحقيق المفهوم الحقيقي للدعوى المدنية القائمة على ثنائية إقرار الحق وضمان تنفيذه، أي وصل النفاذ بالتنفيذ. فإستحداث المشرع التونسي نظاما خاصا بقضاء التنفيذ سيؤدي إلى إشراف القضاء بشكل فعال ومتواصل على إجراءات التنفيذ في كل خطوة من خطواته وسيقع تبعا لذلك تجميع شتات المسائل المتعلقة بالتنفيذ في يد قاض واحد قريب من محل التنفيذ يسهل على الخصوم الإلتجاء إليه تحقيقا للعدالة في مفهومها الشامل.