إن المتأمل في تاريخ البشرية منذ انبلاجه وحتى يوم الناس هذا يجده حافلا بانقسام الناس على أنفسهم بين " الأنا " ( الذات ) و " الآخر " ويتجلى ذلك فيما عرفته ولا تزال تعرفه الجماعات والأمم من صراعات بسبب اختلاف الرؤى بين من هو في موقع " الأنا " وبين من هو في موقع " الآخر " نتيجة لتناقض مصالح هذا الطرف أو ذاك . وفي ذات السياق حصلت حروب وصراعات ولا تزال تحصل لمجرد انتهاء الإنسان " الآخر “ إلى موقع مخالف " للأنا " " دينيا أو طائفيا أو عرقيا أو مناطقيا دون حتى معرفة مباشرة في بعض الأحيان لهذا الإنسان الآخر " . لذلك كله شغلت مسألة " الأنا “ و “ الآخر " ولا تزال تشغل بال الباحثين والمفكرين قدامي ومحدثين شرقا وغربا ، وتعددت وجهات النظر حولها من ثقافة و حضارة إلى أخرى ومن عصر إلى آخر . ولسائل أن يسأل ما المقصود بالآخر ؟ وما طبيعة العلاقة التي تربطه بالذات أو الأنا ؟ » وللإجابة يقال للسائل إن المفهوم الدلالي للآخر يرد في القواميس اللغوية ليفيد الغير مقابل مصطلح " الذات “ أو ” الأنا “ على غرار ما أورده الجرجاني في كتاب التعريفات : " ذات الشيء دلالته على نفسه وعلى عينه ، والذاتي لكل شيء ما يخصه وما يميزه ما عداه “ .