مدخل لدراسة القانون النيابي التونسي

لم يحظ القانون النيابي أو البرلماني في تونس باهتمام أساتذة الجامعات والباحثين في العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية والتاريخية . رغم لما لهذا الفرع القانوني من جدوى علمية وجدوى نشر الثقافة النيابة أو البرلمانية وجدوى مساهمته في تكوين أعضاء مجلس نواب الشعب المباشرين وتكوين من يعزم الترشح لعضويته وتكوين السياسيين وأساتذة الجامعات والصحفيين عموما والصحافيين البرلمانيين الذين يكتبون في الشأن النيابي خصوصا.

لم يساعد هذا الإهمال سواء كان عمدا أو سهوا هذا الفرع القانوني -الذي عرفته القوانين المقارنة مثل القانون الفرنسي والكندي والأمريكي- على التفطن إلى أهميته وجدوى إقراره في برامج التدريس في كليات الحقوق والعلوم القانونية أو في أقسام علم الاجتماع أو التاريخ أوفي معاهد الصحافة وعلوم الأخبار.

إن استمرار هذا الإهمال في تونس أمر غير مقبول اليوم لأنه توجد مادة علمية ومبادرات أولى تتمثل في بعض المقالات والبحوث الأكاديمية المتخصصة في موضوع هياكل المجالس النيابية ووظيفتها وتاريخها في تونس ، كتبها قانونيون ومختصون في التاريخ فرنسيون وتونسيون منذ سنة 1923 وصولا إلى أحدث تأليف في الموضوع سنة 2014.

تمثل جميع هذه المؤلفات المتكونة من مقالات وكتب وملتقيات ورسائل الماجستير وأطروحات الدكتوراه مراجعا مهمة وضعت اللبنات الأولى لنشأة هذا القانون.

كما إن الكتابة المبكرة في مجال القانون النيابي أو البرلماني هو شعور هؤلاء أعمالا مؤسسة ليس فقط للقانون النيابي التونسي وإنما أيضا لتاريخه ومكتبته المؤلفون بجدوى المادة وقيمتها العلمية والعملية . كما تمثل هذه الأعمال الفقهية القانونية.

إن إبراز أهمية دراسة هذا القانون وجدواها أصبحت اليوم أكثر من ملحة في ظل دستور 27 جانفي 2014 لما لمجلس نواب الشعب من دور أساسي في الحياة السياسية وفي الوظيفة التشريعية لا سيما في مسالة تشكيل الحكومة ومراقبتها وصياغة قوانين جديدة تنفذ الدستور ومراجعة القوانين التي لم تعد متلائمة مع واقع تونس الحالي . كما تحتاج هذه المهمة إلى نواب قادرين على إعطاء خطة النائب مركزها ومكانتها الاعتبارية ، وتحتاج هذه المهمة في ذات الوقت إلى نواب لهم كفاءة سياسية وكفاءة أخلاقية عاليتين فيتصرفون بمسؤولية كرجال دولة.

بناء على ما تقدم سنتناول في « مدخل لدراسة القانون النيابي التونسي » تعريف القانون النيابي التونسي ومصادره وتاريخ الكتابة والتأليف والنشر في مجالاته (الجزء الأول) ثم نتناول هياكل مجلس نواب الشعب (الجزء الثاني).