يتعلّق بحثنا بفلسفة ابن سينا وقرائه، وهي قراءة تنطلق من حيث انتهت كل تلك القراءات التاريخية، والتي نحسبها قراءات فعالة وإن كانت الأمور التي تناولتها في تقديرنا، مواضع العناد والتقليد والتكرار فيها كثيرة. ولعل البحث في الفلسفة السينوية ومعرفة تفاصيلها بشكل موضوعي وعقلاني وفق قواعد المنطق الفلسفي كما رسمها أرسطو وضبطها الفلاسفة المسلمون من الكندي إلى ابن خلدون، يتطلب التراجع عن الفهم المتسرع للنصوص والحكم عليها من الخارج. ولذلك يسعى هذا الكتاب لتشكيل قراءة مخصوصة لفلسفة لها المنزلة الخاصة في تراثنا، قراءة بواسطة قراء الشيخ الرئيس(الغزالي، الشهرستاني).
فيجب أن نقتدي بالمتفلسفة في تفكيرهم وحيرتهم وتحريك السواكن. فالعودة إلى ابن سینا هامة والإطلاع على قرائه أهم في نظرنا، فالغزالي والشهرستاني قد فصلا القول في السينوية وشرحا مكبوتاتها . ومن هنا أدركنا أن الاستفادة من تفكير الفلاسفة بين للقارئ الجاد حيث نفهم طبيعة تلك السجلات الفكرية في العصور الوسطى وأهمية ما تدارسه القدامى في مسألة الإلهيات (العالم، الله) والتي لم تحسم بعد في علاقتها بعالم الناس في دنياهم، ومن ثم نسعى لتأسيس ذهنية عربية إسلامية تعتد بذاتها وتحترم مقومات الفكر الإنساني وتنخرط فيه حالا، وما بقي لنا في النهاية إلا أن نتساءل : «أليس الصبح بقريب»؟