لا يُعد العمل المنزلي من الظواهر الحديثة بل يعتبر من أقدم المهن في العالم، وارتبط بالاسترقاق والاستعباد وسائر أشكال العبودية الأخرى، وهي مهام كانت تُسْنَدُ تلقائيا إلى النساء في الغالبية العظمى من المجتمعات رغم أنه ليس حكرا عليهن، وقد كان في العصور القديمة، بصفة عامة وفي ظل النظام الروماني خصوصا، يقوم على الرق مما أدى إلى الاستغلال المفرط للعامل وتجريده من إنسانيته، وقد استمر الوضع على ما هو عليه إلى حين إلغاء العبودية في العالم في القرن التاسع عشر.
أما في تونس، وبالرغم من حرص مشرعها على تقنين العلاقات الشغلية بصفة دقيقة حتى قبل صدور مجلة الشغل، إلا أن العمل المنزلي لم يحظ بأي تنظيم محكم يحدّد، في نفس الوقت، التزامات العمال وحقوقهم، وحتى القانون القديم الذي كان ينظمه والصادر سنة 1965 توقف بدوره عند تحديد ماهية العمل المنزلي، ولم يتدخل لتنظيم العلاقة التي تربط الطرفين المعنيين به، بل أكثر من ذلك فقد أقصاهم صراحة من نطاق مجلة الشغل، وبقي هذا القطاع بذلك قطاعا مهمشا لا يحظى بأي ضمانات تذكر، وأمام هذا التوجه الذي انتهجه المشرع، وأمام تزايد الضغوطات والمطالب التي تنادي بمسايرة قانون الشغل للمعاهدات الدولية والدساتير الجديدة التي عرفتها البلاد، تم إصدار القانون عدد 37 لسنة 2021 المؤرخ في 16 جويلية 2021 المتعلق بتنظيم العمل المنزلي والذي يُعتبر صدوره متأخرا نسبيا....