يقوم تركيب الوحدات اللغوية في نظام النحو العربي على ثلاث صيغ : « تعلق اسم بفعل » « وتعلق فعل باسم » « وتعلق حرف بها » ، وينبني هذا التعلق على ما يسميه النحويون « الإسناد » ، ويقصدون به الحكم الرابط بين المسند والمسند إليه ، اللذين هما الشكل المجرد للمعنى النحوي الأول ، باعتباره لا يكون إلا مركبا تركيبا ثنائيا . وقد انصب اهتمام الجرجاني على التراكيب اللغوية المختلفة هذه ، وهو بذلك يسعى إلى إبراز أهمية استخدام المعاني النحوية ، حيث لا تكون الأهمية في ذوات الكلم أنفسها ، ولا في معرفة قواعدها التركيبية ، وإنا تكون في استخدام هذه القواعد والمعان النحوية في مواضعها المخصوصة ، ومقاماتها المختلفة ؛ ولا سبيل إلى ذلك دون « أن تضع كلامك الوضع الذي يقتضيه علم النحو وتعمل على قوانينه وأصوله وتعرف مناهجه التي تزيغ عنها وتحفظ الرسوم التي رسمت لك فلا تخل بشيء منها » . وفي هذا الإطار تتنزل هذه الدراسة ، مبرزة أبعاد نظرية عبد القاهر الجرجاني ، وما مثلته من تحول في الدرس النحوي العربي .