يتناول هذا الكتاب مباحث الاشتراك الدلالي والمجاز والاستعارة من زاوية بلاغية وعرفانية (إدراكية). وقد جعله صاحبه بابين، خُصص أولهما لقضايا الاشتراك الدلالي فاعتنى ببعض مسائل معالجته التي تبرز آثاره في تحصيل وجوه متنوعة من الدلالات وعرض لنماذج يلتحم فيها اللفظ بالمقام، وما يترتب على ذلك من أبعاد القول الدلالية والتداولية اتصالا وانفصالا.
واهتم الباحث بتنوع مقاربات ظاهرة الاشتراك الدلالي بين الاتجاهين التداولي والعرفاني، وتطرق إلى المعالجة الذهنية للمفردات المشتركة دلاليا من منظور تجريبي اختباري، ووقف على وجوه اختلاف الباحثين في تحديد طبيعة الاشتراك وضروب تعيينه وعرض مجموعة من المنظورات النقدية للاشتراك الدلالي قامت على مراجعة المفاهيم ونقد تعريفاته.
وقد اهتم في الباب الثاني بقضايا المجاز والاستعارة، من ذلك أنه وضح وجوه الاختلاف بين البلاغيين واللسانيين العرفانيين في حد المجاز، وقدم تحليلا تطبيقيا البعض أمثلة السلوك الدلالي اللغوي الذي يتم على مستوى المفردات والتراكيب، ويكون قائما إما على الخروج عن النظام أو على تعمد الإغماض.
واقترح مقاربة مهجنة للاستعارة، تصاغ عبر توظيف مقاربتين مختلفتين (وإن كانتا مترابطتين من وجوه عديدة)، فيتولد منظور جديد لا يُعد محض تجميع النقاط التقاء منظوري بل ،)cognitive linguistics( واللسانيات العرفانية )relevance theory( نظرية المناسبة هو إفراز مشكل منهما، دون أن يُطابقهما، إذ يحتفظ بخصوصية فريدة له.
إن هذا الكتاب مهم جدا في باب الدراسات الدلالية، لأن صاحبه سعى في مختلف فصوله لأن يقدم قراءة جديدة توسل فيها تصوّرات ومناويل حديثة ليعالج موضوعات قديمة، فانتهى إلى نتائج وخلاصات، قد تجعلنا نراجع مسلمات عدة.