منذ أن غاب العقل عندنا وتم استبداله بالعواطف والأحاسيس وردات الفعل اللحظية غير المدروسة، دخلت نخبنا السياسية إلى مرحلة العجز والانسداد في أفق التفكير العقلاني ودقة النظر وصوابية التوجهات، وباتت مهتمة أكثر بمعالجة القضايا السياسية الهامشية ومنكبة على تحقيق مطالب الاستهلاك اليومي والوقتي لمصالحها الحزبية والذاتية. والحال أن النخبة السياسية التي تكون مغتربة عن واقعها ومعدلة لـ «الباروميتر السياسي» على العاطفة والاندفاع يولد لديها الذهان والاختلال في الوظائف الذهنية، ولا يمكنها أن تنتج معرفة حقيقية نافعة للمجتمع ومفضية إلى تحقيق تطوره في المستقبل. لذلك، أصبح المشهد السياسي العربي مكسوا بجميع صنوف الأعطاب الذهنية نتيجة الإفراط في التطبع مع ثقافة التفاهة، حيث لم تعد ملامح هذه الأزمة تقتصر على حرمان الشعب العربي من معرفة حقيقة ما يحدث حوله أو في قابليته لتقبل كل المثيرات الخارجية فقط، بل أيضا من خلال قمع حرية التفكير ومقاومة أية محاولة لاستقلالية الفرد عن الجسد الاجتماعي الذي بات يتمثل لامعقوليته في مختلف تفاعلاته اليومية، حتى تجاوزت مخرجاتها الباثولوجية حدود جميع التوقعات. فالنخبة المهيمنة على المشهد السياسي والإعلامي العربي اليوم، لا تكتفي بمحاصرة أهل الفكر والثقافة العالمة في توجيه الرأي العام والتأثير في الحراك الشعبي بروح عقلانية، بل قامت بالاستيلاء على مجموع المسالك الإعلامية لبناء العقل الجمعي التي لا يمكن أن تسمح للجماهير بالتفكير الحر والمستقل، بل تمت أقنمة أسلوب تفكيرها وتحويلها إلى مثل في هندسة العقل الجمعي وصندقته.
9789938605808
50 عناصر

البيانات

عدد الصفحات
266
الحجم
15.5*23.5
الوزن
0,407 كغ
سنة النشر
2024
دار النشر
مؤسسة الأطرش للتوزيع - GLD

قد يعجبك ايضا

مختارات من الكتب ضمن مركز الاهتمام المطلوب
التوصيل مؤمن

التوصيل مؤمن مع شركة أرامكس

الإرجاع المجاني

الإرجاع مجاني في حالة خلل بالكتاب في غضون 30 يوم

التسليم داخل تونس

مواعيد التسليم : من 24 إلى 48 ساعة

التسليم خارج تونس

مواعيد التسليم : أسبوع كأقصى تقدير