"وعلى هذا الأساس، نعتقد أن صحافة حرة، لا تتحقق واقعا ملموسا إلا بتوفر خمسة شروط هي:
أولا، يكون التفكير في صحافة حرة ملازما لبعث مؤسسات تعديلية للقطاع وآلياتها على غرار الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري، مستقلة عن سلطة الحكومات والبرلمانات ومستقلة عن القوى الضاعظة وسلطة المال وغيرها من الإكراهات تمتلك الآليات والوسائل القانونية الضرورية للمراقبة والمعاقبة وتعديل السوق وحماية حرية الصحافة وحق الجمهور في معلومة ذات جودة.
ثانيا، تكون الصحافة الحرة، إحدى أهم شروط بناء فضاء عمومي حر أو سوق حرة للأفكار تستطيع فيها الذوات المستقلة أن تعبر عن آرائها وتختار ما تراه ملائما لحاجياتها، وتتحرر فيه المناقشة العمومية من أشكال الرقابة التي كان الصحفيون الأحرار في أزمنة سابقة أول ضحاياها.
ثالثا، يكون التفكير في صحافة حرة، ملازما أيضا لعملية بناء ثقافة تساعد الإنسان على الخروج من حالة القصور التي فرضتها عليه إكراهات سياسية وضغوط اقتصادية واجتماعية، وتمنحه الجرأة على إعلان آرائه ومواقفه ضد كل أشكال الضغط.
رابعا، يقتضي تحرير الصحافة أيضا، تحويل مؤسسات الصحافة والاتصال السمعي والبصري فعلا إلى وسائط ومجالات يتطور فيها الحوار وتتحول فيها الضغوطات والمعارك الإيديولوجية العبثية إلى مناقشة حرة والأصوات العلنية إلى مقترحات تفرض على دوائر القرار.
خامسا، ينبغي أن يعمل الجميع - مؤسسات حكومية وهيئات عمومية تعدلية ورقابية وهيئات نقابية ومهنية ومنظمات مجتمع مدني على انخراط الصحافة والإعلام في تحقيق غاية أخلاقية سامية في المجتمع، فتساهم في تحقيق نمط جديد من حياة خيرة قائمة على عيش مشترك وعلى تنوع ومساواة وعلى توسيع مجال الحقوق الفردية والآمال الجماعية ....."